في الخط العربي يجلس بعض الطلاب أمام أوراقهم البيضاء حالمين بأن ينساب الحبر على السطور بشكل مثالي وجميل ليخطوا بأيديهم كلمات تنبض بالجمال والروعة غير أن أقدامهم تتعثر في مستنقع الشكوى والتذمر ويغرقون في بحر من النقد الذاتي والجلد المستمر. هؤلاء الطلاب يرون في كل عثرة فشلاً ذريعا، وفي كل خطأ جرحًا عميقا في قلب طموحاتهم.
يعيشون في ظل مشاعر سلبية تمنعهم من رؤية التقدم الذي يحققونه، كأنهم يرتدون نظارات لا تعكس إلا العيوب والهفوات
تقمصوا دور الضحية، معتقدين أن الحظ يعاندهم والظروف تقف ضدهم، في حين أن العائق الحقيقي يكمن في أنفسهم.
يفتشون عن الكمال في كل حرف، دون أن يدركوا أن الكمال يأتي بالتدريج، وأن كل خطأ هو خطوة على طريق الإتقان. يرفضون أن يعطوا أنفسهم فرصة التعلم والنمو، ينسون أن الخط العربي ليس مجرد رسم للحروف، بل هو فن يحتاج إلى صبر وتدريب مستمر.
إنهم كالنحات الذي يريد أن يكمل تمثاله بضربة واحدة، غافلين عن أن كل ضربة صغيرة تقترب بهم من الشكل النهائي. لو تعلموا أن يتعاملوا مع أخطائهم بلطف وصبر ، لكانوا قد أدركوا أن التحسن يأتي من المثابرة والتدريب، وأن كل يوم يمر يحمل معه بذور التحسن والنمو.
أيها الطلاب أطلقوا العنان لإبداعكم وتخلوا عن جلد الذات وتقمص دور الضحية، وسترون كيف تزهر خطوطكم وتتحول إلى أعمال فنية تنبض بالحياة. عليكم أن تعلموا أن رحلة الخط العربي هي انعكاس لرحلة النفس البشرية، مليئة بالصعود والهبوط، ولكنها في النهاية تؤدي إلى روعة وجمال لا يضاهى.
زكي الهاشمي