بعد التدقيق والنظر
هناك مشكلة منتشرة على مستوى الفنون والحرف
والعلوم
تتمثل في (غياب جهود المعاصرين) وقبل أن أتحدث عن الموضوع
أود أن أقول : إن توجيه كل كلمات المدح والإعجاب والاندهاش للعصور الماضية خاصة ممن توفى منهم ليس إيمانا بما قدموه من فن ومعرفة وإنما جزء كبير منه هو للهروب من إبراز المعاصر الذي يشكل إبرازه خطرا على أقرانه
فلذلك تجد الخطاط تذكر له خطاطا قديما وإن كان مستواه بسيطا فيصفه بكل صفات التقديس والإعجاب والمدح وكأن مفردات المدح ساكنة في نفسه يريد أن يفرغها في مكان لا يؤثر عليه والخطاط المتوفي هو ذلك المحظوظ دوما بكل صفات المدح لعلم المادح بموته فمهما مدحه لا يمكن أن يؤثر عليه إعلاميا أو ماديا وإن ذكرت له خطاطا حديثا مبدعا يقلل من شأنه وينزل قدره مهما بلغت قدراته الفنية
فلذلك الخطاط الحديث مهما كان متفردا فلو أخذ من كل خطاط قديم أجمل ما عنده وجمعها في قدراته سيظل هو
ذاك الخطاط
الذي يجب أن تبقى قدراته بسيطة مقارنة بما مضى وهذا ليس في الخط فحسب بل قس على جميع الفنون البصرية كالرسم والفن التشكيلي عموما والفن الادائي كالصوت وغيره وفي العلوم الاسلامية والتطبيقية كذلك هي حالة عامة ومشكلة سائدة
وقلت هذا الكلام بعدما سألني أحدهم عن خطاط من القرن الثاني عشر فقلت له مستواه جميل رحمه الله ولكن فلان من المعاصرين برأيي هو أجمل منه ضبطا فقال كيف يكون خطاطا حديثا أفضل من خطاط قديم ؟ (إن قدرات بعض المعاصرين تفوق من سبقهم) ولا يضحك عليكم البعض أن قول هذا الكلام تقليل من شأن المتقدمين بل هو مدح لهم كونهم استطاعوا اختصار الفن لمن بعدهم والمتقدمون يكفيهم شرف السبق فرحمهم الله جميعا
زكي السالم
غياب جهود المعاصرين
غياب جهود المعاصرين
قد يعجبك أيضا