الصداقة الحقيقية هي تلك التي تُبنى على قبول الآخر كما هو، بفضائله وعيوبه، دون محاولة لقولبته في إطار يناسب رغباتنا. إن الصداقة ليست محاكاة، بل هي احترام للاختلاف وتقدير للتنوع في الأفكار والمشاعر. من غير المعقول أن يُطالب الصديق بأن يحب ما نحب ويبغض ما نبغض إن فرض مثل هذه الولاءات الشخصية يُعد ظلمًا ويؤدي إلى علاقات غير متوازنة ومتوترة. لكل فرد الحق في تشكيل آرائه وعلاقاته بناءً على تجربته الخاصة، والصديق الحقيقي هو من يحترم هذه الحقوق ولا يسعى لفرض وجهات نظره على الآخرين. فجوهر الصداقة يكمن في التعايش مع التباين والثراء الذي يضفيه كل صديق على الآخر. إن بعض الأصدقاء، للأسف، يسعون لبناء أسوار حول أصدقائهم، يفرضون من خلالها سيطرة كاملة تمنعهم من التحرك أو اتخاذ أي قرار دون إذن مسبق مثل هذه العلاقات تقيد الروح وتخلق نارًا تتقد في القلب نار الخوف من إغضاب الصديق ونار الخوف من فقدانه إن نحن تمردنا على هذه القيود. ولكن الحقيقة التي لا مراء فيها هى أن الصداقة لا تزدهر إلا التي المصالح منية العربية والاحترام المتبادل. وإذا لم يستطع الصديق تقبل ذلك، فقد يكون من الأفضل إعادة النظر في هذه العلاقة وإعادة تقييمها من جديد.
زكي الهاشمي