الحالة الأولى: هي تلك التي يمكن للآلة أن تحاكيها، حيث تتجلى في الحركات الدقيقة لانسياب الحبر على الورق عند الخطاط في فن الخط العربي، أو في الدقة المتناهية لتنظيف الكتابة واستخدام الألوان, والإخراج الفني .في هذه الحالة، يتشابه الفنان مع الآلة في إتقان التفاصيل التقنية، ليصبح الفن حرفةً تُتقن بمهارة.
أما الحالة الثانية، فهي تلك التي تعجز الآلة عن مجاراتها بكل تفاصيلها، عالم يتفرد به الفنان وينافس فيه أقرانه ليكشف جوهر الإبداع. هنا، في فضاء الفكر والمفاهيم، ينبض قلب العمل الفني. الفكرة الفنية، تلك الشرارة التي تشتعل في خيال الفنان، تنسج خيوط المعاني والأحاسيس، وتضفي على العمل حياةً وروحاً لا يمكن لأي آلة أن تحاكيها.
إن القيمة الحقيقية للفن لا تُستمد من التنفيذ الميكانيكي الذي قد تتقنه الآلة، بل من العمق الذي يضفيه الفنان على عمله. الفكرة هي الروح الخفية التي تبث الحياة في اللوحة، وهي الجوهر الذي يميز الفن عن الصنعة. إنها السحر الذي يجعل من كل عمل فني كياناً حياً، ناطقاً بمكنونات الفنان ومشاعره العميقة، وخبرته الطويلة, ومقدار اكتسابه من العلوم المصاحبة, ويمنحه فرادته التي لا يمكن تقليدها.
زكي الهاشمي
يمارس الفنان حالتين متمايزتين
يمارس الفنان حالتين متمايزتين
قد يعجبك أيضا