في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتقاطع فيه الأخبار نجد أنفسنا أحيانا أمام معضلة قديمة تتجدد بلباس عصري معضلة (توضيح الواضح) في عصر التواصل الفوري والمعلومات المتدفقة بلا انقطاع يبدو أن فهم النصوص والمقالات بات مهمة تتطلب أكثر من مجرد قراءة سطحية إنها معضلة تتجلى في تلك اللحظات التي نتلقى فيها ردودًا وتعليقات تنم عن قراءة عابرة أو ربما عدم قراءة أصلاً تزدحم العقول بالأسئلة والتفسيرات بينما يطلب منا القراء إعادة شرح ما كتب بوضوح من البداية هل هو تسرع أم لامبالاة؟ أم أننا فقدنا مهارة التأني والتدقيق؟ في مكتب الأفكار أجلس مع قلم وأوراق أتأمل في ذلك المشهد الذي يتكرر حين يعبر الناس عن آرائهم دون عناء البحث والتفكر أجد نفسي مراراً وتكرارا أمام تلك الردود التي تتجاهل جوهر المقال وأتساءل كيف يمكن للمعاني أن تضيع وسط الكلمات؟ كيف يمكن للوضوح أن يختفي في ثنايا السطور؟
هنا ليس المطلوب مجرد كتابة المقالات بوضوح بل نحتاج إلى ثقافة القراءة العميقة تلك القراءة التي لا تكتفي بملامسة الحروف بل تغوص في أعماق المعاني نحتاج إلى أن نعيد إحياء عادة التأني ونعيد للقلم دوره
الحقيقي كجسر بين العقول والأفكار.
في تلك اللحظات التي يطلب فيها القارئ توضيح الواضح، أجد نفسي أمام تحد جديد، ليس فقط في الكتابة بل في خلق حوار حوار يُعيد للغة رونقها ويُعيد للعقل دوره كأداة تحليل وفهم إنه حوار يجب أن يبدأ من
المدارس من الأسرة من كل زاوية نتبادل فيها الكلمات. وفي النهاية، تبقى الكتابة فعل حب وصبر فعل يتطلب منا أن نعيد ونكرر حتى يتضح المعنى، وحتى نجد ذلك القارئ الذي يقرأ بعمق ويفهم بتمعن ففي عالم السرعة تظل الكلمة الصادقة والواضحة هي النجمة التي تهدي التائهين في بحر المعلومات.
زكي الهاشمي
توضيح الواضح معضلة الفهم في زمن السرعة
توضيح الواضح معضلة الفهم في زمن السرعة
قد يعجبك أيضا